فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الملك: الآيات 5- 11]

{و لقدْ زيّنّا السّماء الدُّنْيا بِمصابِيح وجعلْناها رُجُوما لِلشّياطِينِ وأعْتدْنا لهُمْ عذاب السّعِيرِ (5) ولِلّذِين كفرُوا بِربِّهِمْ عذابُ جهنّم وبِئْس الْمصِيرُ (6) إِذا أُلْقُوا فِيها سمِعُوا لها شهِيقا وهِي تفُورُ (7) تكادُ تميّزُ مِن الْغيْظِ كُلّما أُلْقِي فِيها فوْجٌ سألهُمْ خزنتُها ألمْ يأْتِكُمْ نذِيرٌ (8) قالوا بلى قدْ جاءنا نذِيرٌ فكذّبْنا وقُلْنا ما نزّل اللّهُ مِنْ شيء إِنْ أنْتُمْ إِلاّ فِي ضلالٍ كبِيرٍ (9) وقالوا لوْ كُنّا نسْمعُ أوْ نعْقِلُ ما كُنّا فِي أصْحابِ السّعِيرِ (10) فاعْترفُوا بِذنْبِهِمْ فسُحْقا لِأصْحابِ السّعِيرِ (11)}

.اللغة:

{رُجُوما} الرجوم جمع رجم وهو مصدر سمّي به المفعول أي ما يرجم به ويجوز أن يكون باقيا على مصدريته ويقدّر مضاف أي ذات رجوم وإنما جمع المصدر باعتبار أنواعه.

.الإعراب:

{ولقدْ زيّنّا السّماء الدُّنْيا بِمصابِيح وجعلْناها رُجُوما لِلشّياطِينِ} كلام مستأنف مسوق للشروع في ذكر دلائل أخرى على تمام قدرته تعالى واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{زينّا} فعل وفاعل و{السماء} مفعول به و{الدنيا} نعت أي القربى إلى الأرض و{بمصابيح} متعلقان بـ: {زينّا}، {وجعلناها} فعل وفاعل ومفعول به و{رجوما} مفعول به ثان و{للشياطين} متعلقان بـ: {رجوما} أو نعت له.
{وأعْتدْنا لهُمْ عذاب السّعِيرِ} {وأعتدنا} عطف على {زينّا} و{لهم} متعلقان بـ: {أعتدنا} و{عذاب السعير} مفعول به.
{ولِلّذِين كفرُوا بِربِّهِمْ عذابُ جهنّم وبِئْس الْمصِيرُ} الواو عاطفة و{للذين} خبر مقدّم وجملة {كفروا} صلة و{بربهم} متعلقان بـ: {كفروا} و{عذاب جهنم} مبتدأ مؤخر {وبئس المصير} فعل جامد لإنشاء الذم وفاعله، والمخصوص بالذم محذوف تقديره هي.
{إِذا أُلْقُوا فِيها سمِعُوا لها شهِيقا وهِي تفُورُ} {إذا} ظرف زمان مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بـ: {سمعوا} وجملة {ألقوا} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{ألقوا} فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل و{فيها} متعلقان بـ: {ألقوا} والجملة مستأنفة وجملة {سمعوا} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم و{لها} متعلقان بمحذوف حال من {شهيقا} لأنه في الأصل صفته وتقدم عليه و{شهيقا} مفعول {سمعوا} والواو حالية و{هي} مبتدأ وجملة {تفور} خبر والجملة حالية من الهاء في {لها}.
{تكادُ تميّزُ مِن الْغيْظِ كُلّما أُلْقِي فِيها فوْجٌ سألهُمْ خزنتُها ألمْ يأْتِكُمْ نذِيرٌ} الجملة مستأنفة كأنها وقعت جوابا لسؤال سائل، و{تكاد} فعل مضارع من أفعال المقاربة واسمها مستتر تقديره هي وجملة {تميّز} خبر، و{تميّز} أصلها تتميّز فعل مضارع أي تتقطع فحذفت إحدى التاءين، و{من الغيظ} في محل نصب على التمييز أي غيظا و{كلما} ظرف زمان متعلق بجوابه وهو سألهم وقد مرّ تفصيل إعرابها، و{ألقي} فعل ماض مبني للمجهول و{فيها} متعلقان بـ: {ألقي} و{فوج} نائب فاعل وجملة {سألهم} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وهو فعل ماض ومفعول به و{خزنتها} فاعل والهمزة للاستفهام التقريري التوبيخي ولم حرف نفي وقلب وجزم و{يأتكم} فعل مضارع مجزوم بلم والكاف مفعول به و{نذير} فاعل وجملة الاستفهام مفعول به ثان لسأل.
{قالوا بلى قدْ جاءنا نذِيرٌ} {قالوا} فعل وفاعل و{قد} حرف تحقيق و{جاءنا} فعل ماض ومفعول به مقدّم و{نذير} فاعل مؤخر والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر كأنه قيل: فماذا قالوا بعد السؤال، فقال: قالوا بلى قد جاءنا نذير وجملة {قد جاءنا} في محل نصب مقول القول.
{فكذّبْنا وقُلْنا ما نزّل اللّهُ مِنْ شيْءٍ} الفاء حرف عطف و{كذبنا} فعل وفاعل {وقلنا} عطف على {كذبنا} و{ما} نافية و{نزل} فعل ماض و{اللّه} فاعل و{من} حرف جر زائد و{شيء} مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به والجملة مقول القول.
{إِنْ أنْتُمْ إِلّا فِي ضلالٍ كبِيرٍ} {إن} نافية و{أنتم} مبتدأ و{إلا} أداة حصر و{في ضلال} خبر {أنتم} و{كبير} نعت.
{وقالوا لوْ كُنّا نسْمعُ أوْ نعْقِلُ ما كُنّا فِي أصْحابِ السّعِيرِ} الواو عاطفة و{قالوا} فعل ماض وفاعل و{لو} شرطية وكان واسمها وجملة {نسمع} خبرها و{أو} حرف عطف و{نعقل} عطف على {نسمع} و{ما} نافية وكان واسمها و{في أصحاب السعير} خبرها والجملة لا محل لها وجملة الشرط وجوابه مقول القول.
{فاعْترفُوا بِذنْبِهِمْ فسُحْقا لِأصْحابِ السّعِيرِ} الفاء عاطفة واعترفوا فعل وفاعل و{بذنبهم} متعلقان باعترفوا والفاء عاطفة وسحقا منصوب على المصدر تقديره سحقهم اللّه سحقا فناب المصدر عن عامله في الدعاء نحو جدعا له وعقرا فلا يجوز إظهاره وقيل هو مفعول به لفعل محذوف أي ألزمهم اللّه سحقا.
وفي المختار: والسحق البعد يقال سحقا له والسحق بضمتين مثله وقد سحق الشيء بالضم سحقا بوزن بعد فهو سحيق أي بعيد وأسحقه اللّه أي أبعده.
وكان القياس إسحاقا فجاء بالمصدر على المحذوف، واللام في {لأصحاب السعير} للبيان كما في {هيت لك}.

.البلاغة:

1- في قوله: {ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح} استعارة تصريحية، شبّه الكواكب والنجوم بمصابيح وحذف المشبه وأبقى المشبه به على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية لأن الناس يزيّنون مساجدهم ودورهم بإثقاب المصابيح ولكنها مصابيح لا توازيها مصابيحكم إضاءة.
2- وفي قوله: {تكاد تميز من الغيظ} استعارة مكنية تبعية، شبّه جهنم بالمغتاظة عليهم لشدة غليانها بهم وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه لأن المغتاظة تتميز وتتقصف غضبا ويكاد ينفصل بعضها عن بعض لشدة اضطرابها ويقولون فلان يتميز غيظا إذا وصفوه بالإفراط في الغضب. وفي هذه الآية أيضا فن حسن الاتباع فقد جرى الشعراء على نهجها فولعوا بإسناد أفعال من يعقل إلى ما لا يعقل وقد أوردنا له أمثلة في الكهف وفي الفرقان فجدّد بها عهدا.

.[سورة الملك: الآيات 12- 17]

{إِنّ الّذِين يخْشوْن ربّهُمْ بِالْغيْبِ لهُمْ مغْفِرةٌ وأجْرٌ كبِيرٌ (12) وأسِرُّوا قولكُمْ أوِ اجْهرُوا بِهِ إِنّهُ علِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (13) ألا يعْلمُ منْ خلق وهُو اللّطِيفُ الْخبِيرُ (14) هُو الّذِي جعل لكُمُ الْأرْض ذلُولا فامْشُوا فِي مناكِبِها وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وإِليْهِ النُّشُورُ (15) أأمِنْتُمْ منْ فِي السّماءِ أنْ يخْسِف بِكُمُ الْأرْض فإِذا هِي تمُورُ (16) أمْ أمِنْتُمْ منْ فِي السّماءِ أنْ يُرْسِل عليْكُمْ حاصِبا فستعْلمُون كيْف نذِيرِ (17)}

.اللغة:

{ذلُولا} فعوّل بمعنى مفعول أي مذللة مسخرة منقادة لما تريدون منها.
{مناكِبِها} المناكب جمع منكب وهو مجتمع رأس الكتف والعضد يقال: تشابهت منهم المناكب والرءوس أي ليس فيهم مفضل، ويقال: هزّ منكبه لكذا أي فرح به وفلان معي على حدّ منكب أي كلما رآني التوى ولم يتلقني بوجهه، والمنكب أيضا: ناحية كل شيء وجانبة يقال سرنا في منكب من الأرض أو الجبل أي في ناحية والمنكب من القوم عريفهم أو عونهم والمنكب من الأرض: الطريق والموضع المرتدم وفي القرآن الكريم {فامشوا في مناكبها} أي في مواضعها المرتفعة فعلى هذا يكون الكلام حقيقة وعلى الأول يكون فيه استعارة تصريحية وإلى هذا جنح الزمخشري فقال: المشي في مناكبها مثل لفرط التذليل ومجاوزته الغاية لأن المنكبين وملتقاهما من الغارب أرق شيء من البعير وأنباه عن أن يطأه الراكب بقدمه ويعتمد عليه فإذا جعلها من الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يترك شيئا منها إلا قد ذلله. وقال الزجّاج معناه سهّل لكم السلوك في جبالها فإذا أمكنكم السلوك في جبالها فهو أبلغ في التذليل. وقيل جوانبها.
{تمُورُ} تتحرك بكم وفي المختار: مار من باب قال تحرّك وجاء وذهب ومنه: يوم تمور السماء مورا، قال الضحّاك: تموج موجا.

.الإعراب:

{إِنّ الّذِين يخْشوْن ربّهُمْ بِالْغيْبِ لهُمْ مغْفِرةٌ وأجْرٌ كبِيرٌ} {إن} واسمها وجملة {يخشون} صلة {الذين} و{ربهم} مفعول به و{بالغيب} حال من الواو في {يخشون} والباء بمعنى في و{لهم} خبر مقدم و{مغفرة} مبتدأ مؤخر {وأجر} عطف على {مغفرة} و{كبير} نعت لـ: {أجر} والجملة الاسمية خبر {إن}.
{وأسِرُّوا قولكُمْ أوِ اجْهرُوا بِهِ إِنّهُ علِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} الواو استئنافية و{أسرّوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{قولكم} مفعول به و{أو} حرف عطف و{اجهروا} فعل أمر وفاعل و{به} متعلقان بـ: {اجهروا} وإن واسمها و{عليم} خبرها و{بذات الصدور} متعلقان بـ: {عليم} وجملة إن وذي أحاط بمكنونات الأمور وجليّاتها وأجاز الزمخشري ورجحه الجمل في حاشيته نقلا عن شيخه أبو البقاء وغيرهما أن يكون من فاعل {يعلم} والمفعول محذوف كأنه قال ألا يعلم الخالق سرّكم وجهركم والاستفهام معناه الإنكار وعبارة الزمخشري: ويجوز أن يكون من خلق منصوبا بمعنى ألا يعلم مخلوقه وهذه حاله وروي أن المشركين كانوا يتكلمون فيما بينهم بأشياء فيظهر اللّه رسوله عليها فيقولون أسرّوا قولكم لئلا يسمعه إله محمد، فنبّه اللّه على جهلهم فإن قلت قدّرت في {ألّا يعلم} مفعولا على معنى ألا يعلم ذلك المذكور فما أضمر في القلب وأظهر باللسان من خلق فهلّا جعلته مثل قولهم: هو يعطي ويمنع وهلّا كان المعنى ألا يكون عالما من هو خالق لأن الخلق لا يصحّ إلا مع العلم قلت: أبت ذلك الحال التي هي قوله: {وهو اللطيف الخبير} لأنك لو قلت: ألا يكون عالما من هو خالق وهو اللطيف الخبير لم يكن معنى صحيحا لأن ألا يعلم معتمد على الحال والشيء ولا يوقت بنفسه فلا يقال: ألا يعلم وهو عالم ولكن ألا يعلم كذا وهو عالم بكل شيء.
و قد تعقب ابن المنير المالكي الزمخشري وناقشه مناقشة قيّمة قال فيها: هذه الآية ردّ على المعتزلة وتصحيح للطريق التي يسلكها أهل السنّة في الردّ عليهم فإن أهل السنّة يستدلون على أن العبد لا يخلق أفعاله بأنه لا يعلمها وهو استدلال بنفي اللازم الذي هو العلم على نفي الملزوم الذي هو الخلق وبهذه الملازمة دلّت الآية فإن اللّه تعالى أرشد إلى الاستدلال على ثبوت العلم له عزّ وجلّ بثبوت الخلق وهو استدلال بوجود الملزوم على وجود اللازم فهو نور واحد يقتبس منه ثبوت العلم للبارئ عزّ وجلّ وإبطال خلق العبد لأفعاله وإعراب الآية ينزل على هذا المعنى فإن الوجه فيها أن يكون من فاعلا مرادا به الخالق ومفعول العلم محذوف تقديره ذلك إشارة إلى السر والجهر ومفعول خلق محذوف ضميره عائد إلى ذلك والتقدير في الجميع ألا يعلم السر والجهر من خلقهما ومتى حذونا غير هذا الوجه من الإعراب ألقانا إلى مضايق التكلّف والتعسّف فمن المحتمل أن يكون من مفعولة واقعة على فاعل السر والجهر والتقدير ألا يعلم اللّه المسرّين والجاهرين وليس مطابقا للمفصل فإنه لم يقع على ذوات الفاعلين وإنما وقع على أفعالهم من السرّ والجهر وعليه وقع الاستدلال ويحتمل غير ذلك أبعد منه والأول هو الأولى لفظا ومعنى واللّه الموفّق.
والواو حالية و{هو} مبتدأ و{اللطيف} خبر أول و{الخبير} خبر ثان.
{هُو الّذِي جعل لكُمُ الْأرْض ذلُولا فامْشُوا فِي مناكِبِها وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وإِليْهِ النُّشُورُ} {هو} مبتدأ و{الذي} خبر وجملة {جعل} صلة و{لكم} متعلقان بـ: {ذلولا} و{الأرض} مفعول {جعل} الأول و{ذلولا} مفعولها الثاني إذا كانت بمعنى صيّر وإن كانت بمعنى خلق يعرب حالا والفاء الفصيحة أي إن عرفتم ذلك {فامشوا} والأمر أمر إباحة و{في مناكبها} متعلقان بامشوا {وكلوا} فعل أمر وفاعل و{من رزقه} متعلق بـ: {كلوا} {وإليه} خبر مقدم و{النشور} مبتدأ مؤخر.
{أأمِنْتُمْ منْ فِي السّماءِ أنْ يخْسِف بِكُمُ الْأرْض فإِذا هِي تمُورُ} الهمزة للاستفهام الإنكاري وأمنتم فعل وفاعل و{من} مفعول به وهي عبارة عن اللّه تعالى و{في السماء} متعلقان بمحذوف صلة الموصول و{أن يخسف} المصدر المؤول في محل نصب بدل اشتمال من (من) و{بكم} متعلقان بـ: {يخسف} و{الأرض} مفعول به والفاء عاطفة وإذا الفجائية وقد تقدم القول فيها و{هي} مبتدأ وجملة {تمور} خبر.
{أمْ أمِنْتُمْ منْ فِي السّماءِ أنْ يُرْسِل عليْكُمْ حاصِبا فستعْلمُون كيْف نذِيرِ} {أم} عاطفة بمعنى بل كأنه أضرب عن التهديد الأول لينتقل إلى تهديد آخر و{أمنتم} فعل وفاعل و{من} مفعول به و{في السماء} صلة و{أن} وما في حيّزها بدل اشتمال من (من) و{حاصبا} مفعول به والفاء الفصيحة والسين حرف استقبال وتعلمون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون و{كيف} اسم استفهام خبر مقدّم و{نذيري} مبتدأ مؤخر وحذفت ياء المتكلم رسما والجملة المعلقة في محل نصب مفعول تعلمون.